منتديات الهندسة الزراعية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات الهندسة الزراعية

حوار حر لعقل منفتح ونقاش الحاضر وأفكار للمستقبل

*ابن الفرات * نرحب بكم في منتديات احمود رمضان العلي * ابن الفرات* إن المواضيع والآراء والردود الواردة في الموقع تعبر عن أصحابها ولاتعبر بالضرورة عن الإدارة * ابن الفرات * بامكانكم الدخول الى الدردشة الرقمية وذلك بالضغط على ايقونة دخول الدردشة أعلى الصفحة الرئيسية * ابن الفرات * تمت إضافة آخر تجديدات لهذا المنتدى نتمنى أن تنال رضاكم بإذن الله * ابن الفرات * الرجاء إبلاغ مدير الموقع أو مدير عام الموقع بأي ملاحظة أو اقتراح أو شكوى على الايميل eng-ahmodali@hotmail.comأو من خلال رسالة خاصة*ابن الفرات *الليل من دونك ترى شين ومخيف وشلون اقضي تالي الليل دونك •
    the king                               ابو مراد                         فرج  العلي    قلب شجاعالعقيد       الراقي             
    نيوتن  ابن الجلاء hmd aliعدنان سليمان   احمدالعقيد

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى علاج المصاب بالعين

2 مشترك

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

فرج العلي

فرج العلي
مشرف3

فصل : فى هديه صلى الله عليه وسلم فى علاج المصاب بالعين :



روى مسلم فى "صحيحه" عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " العين حق ولو كان شىء سابق القدر، لسبقته العين ".



وفى "صحيحه" أيضا عن أنس: " أن النبى صلى الله عليه وسلم رخص فى الرقية من الحمة، والعين والنملة "



وفى "الصحيحين" من حديث أبى هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العين حق ".



وفى "سنن أبى داود" عن عائشة رضى الله عنها، قالت: كان يؤمر العائن فيتوضأ، ثم يغتسل منه المعين .



وفى "الصحيحين" عن عائشة قالت: أمرنى النبى صلى الله عليه وسلم أو أمر أن نسترقى من العين .



وذكر الترمذى، من حديث سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عروة بن عامر، عن عبيد بن رفاعة الزرقى، أن أسماء بنت عميس قالت: يا رسول الله ؛ إن بنى جعفر تصيبهم العين، أفأسترقى لهم ؟ فقال: "نعم فلو كان شىء يسبق القضاء لسبقته العين " قال الترمذى: حديث حسن صحيح.



وروى مالك رحمه الله، عن ابن شهاب، عن أبى أمامة بن سهل بن حنيف، قال: رأى عامر بن ربيعة سهل بن حنيف يغتسل، فقال: والله ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة، قال: فلبط سهل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عامرا، فتغيظ عليه، وقال: " علام يقتل أحدكم أخاه ؟ ألا بركت ؟ اغتسل له "، فغسل له عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه، وأطراف رجليه، وداخلة إزاره فى قدح، ثم صب عليه، فراح مع الناس.




(1/142)




وروى مالك رحمه الله أيضا عن محمد بن أبى أمامة بن سهل، عن أبيه هذا الحديث، وقال فيه: " إن العين حق، توضأ له "، فتوضأ له.



وذكر عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه مرفوعا: " العين حق، ولو كان شىء سابق القدر، لسبقته العين، وإذا استغسل أحدكم، فليغتسل "، ووصله صحيح.



قال الزهرى: يؤمر الرجل العائن بقدح، فيدخل كفه فيه، فيتمضمض، ثم يمجه فى القدح، ويغسل وجهه فى القدح، ثم يدخل يده اليسرى، فيصب على ركبته اليمنى فى القدح، ثم يدخل يده اليمنى، فيصب على ركبته اليسرى، ثم يغسل داخلة إزاره، ولا يوضع القدح فى الأرض، ثم يصب على رأس الرجل الذى تصيبه العين من خلفه صبة واحدة.



والعين عينان: عين إنسية، وعين جنية. فقد صح عن أم سلمة، أن النبى صلى الله عليه وسلم رأى فى بيتها جارية فى وجهها سفعة، فقال: " استرقوا لها، فإن بها النظرة ".



قال الحسين بن مسعود الفراء: وقوله "سفعة" أى: نظرة، يعنى من الجن، يقول: بها عين أصابتها من نظر الجن أنفذ من أسنة الرماح. ويذكر عن جابر يرفعه: " إن العين لتدخل الرجل القبر، والجمل القدر ".



وعن أبى سعيد، أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من الجان، ومن عين الإنسان.



فأبطلت طائفة ممن قل نصيبهم من السمع والعقل أمر العين، وقالوا: إنما ذلك أوهام لا حقيقة لها، وهؤلاء من أجهل الناس بالسمع والعقل، ومن أغلظهم حجابا، وأكثفهم طباعا، وأبعدهم معرفة عن الأرواح والنفوس، وصفاتها وأفعالها وتأثيراتها، وعقلاء الأمم على اختلاف مللهم ونحلهم لا تدفع أمر العين، ولا تنكره، وإن اختلفوا فى سببه وجهة تأثير العين.



فقالت طائفة: إن العائن إذا تكيفت نفسه بالكيفية الرديئة، انبعث من عينه قوة سمية تتصل بالمعين، فيتضرر. قالوا: ولا يستنكر هذا، كما




(1/143)




لا يستنكر انبعاث قوة سمية من الأفعى تتصل بالإنسان، فيهلك، وهذا أمر قد اشتهر عن نوع من الأفاعى أنها إذا وقع بصرها على الإنسان هلك، فكذلك العائن.



وقالت فرقة أخرى: لا يستبعد أن ينبعث من عين بعض الناس جواهر لطيفة غير مرئية، فتتصل بالمعين، وتتخلل مسام جسمه، فيحصل له الضرر.



وقالت فرقة أخرى: قد أجرى الله العادة بخلق ما يشاء من الضرر عند مقابلة عين العائن لمن يعينه من غير أن يكون منه قوة ولا سبب ولا تأثير أصلا، وهذا مذهب منكرى الأسباب والقوى والتأثيرات فى العالم، وهؤلاء قد سدوا على أنفسهم باب العلل والتأثيرات والأسباب، وخالفوا العقلاء أجمعين.



ولا ريب أن الله سبحانه خلق فى الأجسام والأرواح قوى وطبائع مختلفة، وجعل فى كثير منها خواص وكيفيات مؤثرة، ولا يمكن لعاقل إنكار تأثير الأرواح فى الأجسام، فإنه أمر مشاهد محسوس، وأنت ترى الوجه كيف يحمر حمرة شديدة إذا نظر إليه من يحتشمه ويستحى منه، ويصفر صفرة شديدة عند نظر من يخافه إليه، وقد شاهد الناس من يسقم من النظر وتضعف قواه، وهذا كله بواسطة تأثير الأرواح، ولشدة ارتباطها بالعين ينسب الفعل إليها، وليست هى الفاعلة، وإنما التأثير للروح. والأرواح مختلفة فى طبائعها وقواها وكيفياتها وخواصها، فروح الحاسد مؤذية للمحسود أذى بينا. ولهذا أمر الله سبحانه رسوله أن يستعيذ به من شره. وتأثير الحاسد فى أذى المحسود أمر لا ينكره إلا من هو خارج عن حقيقة الإنسانية، وهو أصل الإصابة بالعين، فإن النفس الخبيثة الحاسدة تتكيف بكيفية خبيثة، وتقابل المحسود، فتؤثر فيه بتلك الخاصية، وأشبه الأشياء بهذا الأفعى، فإن السم كامن فيها بالقوة، فإذا قابلت عدوها، انبعثت منها قوة غضبية، وتكيفت بكيفية خبيثة مؤذية، فمنها ما تشتد كيفيتها وتقوى حتى تؤثر فى إسقاط الجنين، ومنها ما تؤثر فى طمس البصر، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم فى الأبتر، وذى الطفيتين من الحيات: "إنهما يلتمسان البصر، ويسقطان الحبل ".



ومنها: ما تؤثر فى الإنسان كيفيتها بمجرد الرؤية من غير اتصال به، لشدة خبث تلك النفس، وكيفيتها الخبيثة المؤثرة، والتأثير غير موقوف على الاتصالات الجسمية، كما يظنه من قل علمه ومعرفته بالطبيعة والشريعة، بل التأثير يكون تارة بالاتصال، وتارة بالمقابلة، وتارة بالرؤية، وتارة بتوجه




(1/144)




الروح نحو من يؤثر فيه، وتارة بالأدعية والرقى والتعوذات، وتارة بالوهم والتخيل، ونفس العائن لا يتوقف تأثيرها على الرؤية، بل قد يكون أعمى، فيوصف له الشىء، فتؤثر نفسه فيه، وإن لم يره، وكثير من العائنين يؤثر فى المعين بالوصف من غير رؤية، وقد قال تعالى لنبيه :{وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر} [القلم: 51]وقال: {قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات فى العقد ومن شر حاسد إذا حسد} فكل عائن حاسد، وليس كل حاسد عائنا



فلما كان الحاسد أعم من العائن، كانت الاستعاذة منه استعاذة من العائن، وهى سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تصيبه تارة وتخطئه تارة، فإن صادفته مكشوفا لا وقاية عليه، أثرت فيه، ولا بد، وإن صادفته حذرا شاكى السلاح لا منفذ فيه للسهام، لم تؤثر فيه، وربما ردت السهام على صاحبها، وهذا بمثابة الرمى الحسى سواء، فهذا من النفوس والأرواح، وذاك من الأجسام والأشباح. وأصله من إعجاب العائن بالشىء، ثم تتبعه كيفية نفسه الخبيثة، ثم تستعين على تنفيذ سمها بنظرة إلى المعين، وقد يعين الرجل نفسه، وقد يعين بغير إرادته، بل بطبعه، وهذا أردأ ما يكون من النوع الإنسانى، وقد قال أصحابنا وغيرهم من الفقهاء: إن من عرف بذلك، حبسه الإمام، وأجرى له ما ينفق عليه إلى الموت، وهذا هو الصواب قطعا.



فصل



والمقصود: العلاج النبوى لهذه العلة، وهو أنواع، وقد روى أبو داود فى "سننه" عن سهل بن حنيف، قال: مررنا بسيل، فدخلت، فاغتسلت فيه، فخرجت محموما، فنمى ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " مروا أبا ثابت يتعوذ". قال: فقلت: يا سيدى ؛ والرقى صالحة ؟ فقال: "لا رقية إلا فى نفس، أو حمة، أو لدغة ".



والنفس: العين، يقال: أصابت فلانا نفس، أى: عين. والنافس: العائن. واللدغة بدال مهملة وغين معجمة وهى ضربة العقرب ونحوها.



فمن التعوذات والرقى الإكثار من قراءة المعوذتين، وفاتحة الكتاب، وآية الكرسى، ومنها التعوذات النبوية.



نحو: " أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ".




(1/145)




ونحو: " أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة ".



ونحو: " أعوذ بكلمات الله التامات التى لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ فى الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر طوارق الليل، إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن ".



ومنها: " أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه، ومن شر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ".



ومنها: " اللهم إنى أعوذ بوجهك الكريم، وكلماتك التامات من شر ما أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت تكشف المأثم والمغرم، اللهم إنه لا يهزم جندك، ولا يخلف وعدك، سبحانك وبحمدك ".



ومنها: " أعوذ بوجه الله العظيم الذى لا شىء أعظم منه، وبكلماته التامات التى لا يجاوزهن بر ولا فاجر، وأسماء الله الحسنى، ما علمت منها وما لم أعلم، من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر كل ذى شر لا أطيق شره، ومن شر كل ذى شر أنت آخذ بناصيته، إن ربى على صراط مستقيم ".



ومنها: " اللهم أنت ربى لا إله إلا أنت، عليك توكلت، وأنت رب العرش العظيم، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، لا حول ولا قوة إلا بالله، أعلم أن الله على كل شىء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شىء علما، وأحصى كل شىء عددا، اللهم إنى أعوذ بك من شر نفسى، وشر الشيطان وشركه، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربى على صراط مستقيم ".



وإن شاء قال: " تحصنت بالله الذى لا إله إلا هو، إلهى وإله كل شىء، واعتصمت بربى ورب كل شىء، وتوكلت على الحى الذى لا يموت، واستدفعت الشر بلاحول ولا قوة إلا بالله، حسبى الله ونعم الوكيل، حسبى الرب من العباد، حسبى الخالق من المخلوق، حسبى الرازق من المرزوق، حسبى الذى هو حسبى، حسبى الذى بيده ملكوت كل شىء، وهو يجير ولا يجار عليه، حسبى الله وكفى، سمع الله لمن دعا، ليس وراء الله مرمى، حسبى الله لا إله إلا هو، عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم ".




(1/146)




ومن جرب هذه الدعوات والعوذ، عرف مقدار منفعتها، وشدة الحاجة إليها، وهى تمنع وصول أثر العائن، وتدفعه بعد وصوله بحسب قوة إيمان قائلها، وقوة نفسه، واستعداده، وقوة توكله وثبات قلبه، فإنها سلاح، والسلاح بضاربه.



فصل



وإذا كان العائن يخشى ضرر عينه وإصابتها للمعين، فليدفع شرها بقوله: اللهم بارك عليه، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم لعامر بن ربيعة لما عان سهل بن حنيف: "ألا بركت" أى: قلت: اللهم بارك عليه.



ومما يدفع به إصابة العين قول: "ما شاء الله لا قوة إلا بالله"، روى هشام ابن عروة، عن أبيه، أنه كان إذا رأى شيئا يعجبه، أو دخل حائطا من حيطانه، قال: "ما شاء الله، لا قوة إلا بالله".



ومنها رقية جبريل عليه السلام للنبى صلى الله عليه وسلم التى رواها مسلم فى "صحيحه": " باسم الله أرقيك، من كل شىء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، باسم الله أرقيك ".



ورأى جماعة من السلف أن تكتب له الآيات من القرآن، ثم يشربها. قال مجاهد: لا بأس أن يكتب القرآن، ويغسله، ويسقيه المريض، ومثله عن أبى قلابة. ويذكر عن ابن عباس: أنه أمر أن يكتب لامرأة تعسر عليها



ولادها أثر من القرآن، ثم يغسل وتسقى. وقال أيوب: رأيت أبا قلابة كتب كتابا من القرآن، ثم غسله بماء، وسقاه رجلا كان به وجع.



فصل



فى أمر العائن بغسل مغابنه وأطرافه وداخلة إزاره



ومنها: أن يؤمر العائن بغسل مغابنه وأطرافه وداخلة إزاره، وفيه قولان ؛ أحدهما: أنه فرجه. والثانى: أنه طرف إزاره الداخل الذى يلى جسده من الجانب الأيمن، ثم يصب على رأس المعين من خلفه بغتة، وهذا مما لا يناله علاج الأطباء، ولا ينتفع به من أنكره، أو سخر منه، أو شك فيه، أو فعله مجربا لا يعتقد أن ذلك ينفعه.




(1/147)




وإذا كان فى الطبيعة خواص لا تعرف الأطباء عللها ألبتة، بل هى عندهم خارجة عن قياس الطبيعة تفعل بالخاصية، فما الذى ينكره زنادقتهم وجهلتهم من الخواص الشرعية، هذا مع أن فى المعالجة بهذا الاستغسال ما تشهد له العقول الصحيحة، وتقر لمناسبته، فاعلم أن ترياق سم الحية فى لحمها، وأن علاج تأثير النفس الغضبية فى تسكين غضبها، وإطفاء ناره بوضع يدك عليه، والمسح عليه، وتسكين غضبه، وذلك بمنزلة رجل معه شعلة من نار، وقد أراد أن يقذفك بها، فصببت عليها الماء، وهى فى يده حتى طفئت، ولذلك أمر العائن أن يقول: "اللهم بارك عليه" ليدفع تلك الكيفية الخبيثة بالدعاء الذى هو إحسان إلى المعين، فإن دواء الشىء بضده. ولما كانت هذه الكيفية الخبيثة تظهر فى المواضع الرقيقة من الجسد، لأنها تطلب النفوذ، فلا تجد أرق من المغابن، وداخلة الإزار، ولا سيما إن كان كناية عن الفرج، فإذا غسلت بالماء، بطل تأثيرها وعملها، وأيضا فهذه المواضع للأرواح الشيطانية بها اختصاص.



والمقصود: أن غسلها بالماء يطفىء تلك النارية، ويذهب بتلك السمية.



وفيه أمر آخر، وهو وصول أثر الغسل إلى القلب من أرق المواضع وأسرعها تنفيذا، فيطفىء تلك النارية والسمية بالماء، فيشفى المعين، وهذا كما أن ذوات السموم إذا قتلت بعد لسعها، خف أثر اللسعة عن الملسوع، ووجد راحة، فإن أنفسها تمد أذاها بعد لسعها، وتوصله إلى الملسوع. فإذا قتلت، خف الألم، وهذا مشاهد. وإن كان من أسبابه فرح الملسوع، واشتفاء نفسه بقتل عدوه، فتقوى الطبيعة على الألم، فتدفعه.



وبالجملة.. غسل العائن يذهب تلك الكيفية التى ظهرت منه، وإنما ينفع غسله عند تكيف نفسه بتلك الكيفية.



فإن قيل: فقد ظهرت مناسبة الغسل، فما مناسبة صب ذلك الماء على المعين ؟



قيل: هو فى غاية المناسبة، فإن ذلك الماء ماء طفىء به تلك النارية، وأبطل تلك الكيفية الرديئة من الفاعل، فكما طفئت به النارية القائمة بالفاعل طفئت به، وأبطلت عن المحل المتأثر بعد ملابسته للمؤثر العائن، والماء الذى يطفأ به الحديد يدخل فى أدوية عدة طبيعية ذكرها الأطباء، فهذا الذى طفىء به نارية العائن، لا يستنكر أن يدخل فى دواء يناسب هذا الداء.



وبالجملة.. فطب الطبائعية وعلاجهم بالنسبة إلى العلاج النبوى، كطب الطرقية بالنسبة إلى طبهم، بل أقل، فإن التفاوت الذى بينهم وبين الأنبياء أعظم، وأعظم من التفاوت الذى بينهم وبين الطرقية بما لا يدرك الإنسان مقداره، فقد ظهر لك عقد الإخاء الذى




(1/148)




بين الحكمة والشرع، وعدم مناقضة أحدهما للآخر، والله يهدى من يشاء إلى الصواب، ويفتح لمن أدام قرع باب التوفيق منه كل باب، وله النعمة السابغة، والحجة البالغة.



فصل



ومن علاج ذلك أيضا والاحتراز منه ستر محاسن من يخاف عليه العين بما يردها عنه، كما ذكر البغوى فى كتاب "شرح السنة": أن عثمان رضى الله عنه رأى صبيا مليحا، فقال: دسموا نونته، لئلا تصيبه العين، ثم قال فى تفسيره: ومعنى "دسموا نونته" أى: سودوا نونته، والنونة: النقرة التى تكون فى ذقن الصبى الصغير.



وقال الخطابى فى "غريب الحديث" له عن عثمان: إنه رأى صبيا تأخذه العين، فقال: دسموا نونته. فقال أبو عمرو: سألت أحمد بن يحيى عنه، فقال: أراد بالنونة: النقرة التى فى ذقنه. والتدسيم: التسويد. أراد: سودوا ذلك الموضع من ذقنه، ليرد العين. قال ومن هذا حديث عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب ذات يوم، وعلى رأسه عمامة دسماء أى: سوداء أراد الاستشهاد على اللفظة، ومن هذا أخذ الشاعر قوله:



ما كان أحوج ذا الكمال إلى ... عيب يوقيه من العين



فصل



ومن الرقى التى ترد العين ما ذكر عن أبى عبد الله الساجى، أنه كان فى بعض أسفاره للحج أو الغزو على ناقة فارهة، وكان فى الرفقة رجل عائن، قلما نظر إلى شىء إلا أتلفه، قيل لأبى عبد الله: احفظ ناقتك من العائن، فقال: ليس له إلى ناقتى سبيل، فأخبر العائن بقوله، فتحين غيبة أبى عبد الله، فجاء إلى رحله، فنظر إلى الناقة، فاضطربت وسقطت، فجاء أبو عبد الله، فأخبر أن العائن قد عانها، وهى كما ترى، فقال: دلونى عليه. فدل، فوقف عليه، وقال: بسم الله، حبس حابس، وحجر يابس، وشهاب قابس، ردت عين العائن عليه، وعلى أحب الناس إليه، { فارجع البصر هل ترى من فطور * ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير} [الملك: 3-4] فخرجت حدقتا العائن، وقامت الناقة لا بأس بها.

the king

the king
المدير العام
المدير   العام

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اخي أبو علي
جزاك الله كل خير
جزاك الله الجنه
وجعلها في ميزان حسناتك

https://farm.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى